شيطنة المقاومة…عندما يُغير الإعلام جلده / مهند إبراهيم أبو لطيفة  

417

مهند إبراهيم أبو لطيفة  ( فلسطين ) – الثلاثاء 8/6/2021 م … 

على مدار سنوات طويلة، ساهم بعض الإعلام العربي في حملة شيطنة غير مسبوقة طالت قوى المقاومة في المنطقة، وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. ومن تابع موجة الردح الإعلامي المتواصل والمتناسق على إيقاع واحد، أدرك بكل وضوح أن هناك جهازا سياديا أو أجهزة بعينها كانت تتبع سلوكا محددا يتكامل مع إعلام الكيان الصهيوني بل ويزيد عليه في اللغة والتحريض والفوقية، حتى أن بعضها كان يتمنى أن تقوم طائرات بلاده الحربية بقصف غزة !.  

ومنذ أيام قليلة فقط وبقدرة قادر، تحول الخطاب الإعلامي لهذه الأبواق، التي أهدرت ملايين الدولارات ومئات الساعات التلفزيونية، وعلى نفس المنابر، ودون تغيير حتى في البدلة الرسمية وشكل الطاولة، إلى إعلام مقاوم من الدرجة الأولى، بل ويتقدم الفدائيين في ساحات النضال الوطني.  

من دلالات هذا التلون ، التي يستنتجها العقل والمنطق والدراسة المتأنية، أن هناك سياسة جديدة بدأ تنفيذها تتركز محاورها على ما يلي:  

أولا: المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لتعزير الموقف الإقليمي والدولي لهذا النظام أو ذاك.  

ثانيا: التطبيق الديماغوجي المضلل لرغبة الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة في المرحلة القادمة، وتسويق سياستها، حفاظا على  الدور الوظيفي.  

ثالثا: استخدام الورقة الفلسطينية لتحصيل بعض الدعم والمساعدات الإقتصادية والدبلوماسية في قضايا  معقدة ومصيرية.  

رابعا: محاولة فرض شكل من المصالحة  (إتفاق تنفيذي) بين حركتي حماس وفتح، يكون فوقيا ولا يحقق بالضرورة المصلحة الوطنية العُليا للشعب الفلسطيني، تلبية لرغابات بعض الأطراف الاوروبية والدول المانحة.  

خامسا: إشغال المقاومة في مشاريع سياسية ومفاوضات مباشرة وغير مباشرة حفاظا على ما يُسمى ” السلام في المنطقة “، والمقصود طبعا أمن الكيان الصهيوني.  

سادسا: تركيز الهجوم الدبلوماسي والإعلامي على أطراف إقليمية أخرى ، تحضيرا لمشاريع سياسية جديدة.  

سابعا : استباق أي تحولات إجتماعية شعبية، أو ردات فعل متوقعة نتيجة تأزم الأوضاع الإقتصادية والمعيشية لبعض الدول، والهروب إلى الأمام من فشل بعض الأنظمة في تحقيق التنمية وحل بعض المشاكل التي تزداد في التفاقم محليا.  

عندما يغير الإعلام جلده بهذه الطريقة من قضية إستراتيجية، المفترض أنها واضحة تماما، وشرعية تماما، فهذا يعني أن هذه الأدوات الإعلامية تعكس حالة غياب التخطيط الإستراتيجي لبعض الأنظمة فيما يتعلق بقضية بحجم قضية فلسطين، وأنها لا تملك رؤية واضحة، ولا حتى برنامج عمل، وتعكس العشوائية والفردية  في إدارة باقي شؤون الدولة.  

على المقاومة أن تكون في أعلى مستويات الحذر من هذه التغيرات والمبادرات ” المشبوهة “، وأن لا تسمح أن يصادر أحد مكتسباتها، أو يقترب من سلاحها ، ويزج بها في مستنقع الصراع على التمثيل للشعب الفلسطيني.  

من يراجع تاريخ الحركة الوطنية في قطاع غزة بالذات ، منذ النكبة ولغاية اليوم، وجميع مراحل ” الإشتباك ” مع  بعض الأطراف الإقليمية، سيكتشف حقيقة ساطعة كنور الشمس، أن قدر غزة أن تدفع ضريبة الجغرافيا !، فلا يجوز أن تفقد  مقاومتها مجالها الحيوي الأرحب الذي أكسبها هذه القوة والإستمرارية، وتنخدع بشعارات مثل : ” عودة الفرع للأصل”.