حدث في مثل هذا اليوم / الطاهر المعز

261

الطاهر المعز ( تونس ) – الإثنين 7/6/2021 م …

في السابع من حزيران/يونيو 1962، بعد اتفاقيات إيفيان بشأن وقف إطلاق النار واستقلال الجزائر، وبعد إعلان انتهاء الحرب، ألقى عناصر المنظمة الفاشية الفرنسية “الجيش السري” قنابل حارقة على جامعة الجزائر أدّت إلى احتراق حوالي نصف مليون كتاب، ما يذكرنا بعملية حرق حوالي مليونَيْ كتاب في بغداد، من قِبَل “التّتار” (المغول)، حوالي 1268، ثم حرق الجيوش التي تدّعي تمثيل المسيحية، حوالي مَلْيُونَيْ كتاب في الأندلس أيضًا، بنهاية القرن الخامس عشر…   

في السابع من حزيران 1967، كان العدوان الصهيوني في يومه الثالث، كما يصادف يوم السابع من حزيران/يونيو 1099 بداية حصار القُدْس من قِبَلِ نحو أربعين ألف جُندي من الجيوش الأوروبية المُعادية، لفترة فاقت خمسة أسابيع (ثمانية وثلاثون يومًا)، في الحرب الأولى من “حُرُوب الفَرنْجة”، التي سَمَوها “الحروب الصليبية”، وتواصلت من سنة 1096 إلى 1291، وكانت بداية النّهاية للدولة العربية- الإسلامية، وللدولة الفاطمية ( 909 – 1171 ) التي كانت القدس تحت حمايتها، وللتذكير فإن الدّولة الفاطمية تأسست بالمغرب العربي بعد محاربتها الدّولة الأغلبية التي كانت عاصمتها “القَيْرَوان”، وكانت “رَقّادَة” (ضواحي القيروان حاليا) العاصمة الأولى للدّولة الفاطمية من 909 إلى 918، ثم “المهدية” من 918 إلى 969، قبل بناء القاهرة واتخاذها عاصمة ثالثة للدّولة الفاطمية، من سنة 969 إلى نهايتها سنة 1171، وكانت تَظُمُّ كافة البلدان العربية الحالية، باستثناء العراق، بالإضافة إلى جزيرة “مَالطَا”، وجزء هام من إيطاليا الحالية…

شكّلت حُروب أو غَزوات الفرنجَة، بداية لما أسمَوْهُ “عصر النّهْضة”  ( Renaissance ) التي بلغت أَوْجَها خلال القَرْنَيْن الخامس عشر والسّادس عشر، والنهضة الأوروبية تعني عصر بداية الحُرُوب الإستعمارية الأُوروبية ضد شُعوب العرب (البحر الأبيض المتوسّط) وآسيا وأمريكا الجنوبية، وإفريقيا، خصوصًا بعد اكتشاف المَمَر البَحْرِي “رأس الرّجاء الصّالح” الذي يربط المحيط الأطلسي بالمحيطَيْن الهادئ والهندي.

شكّل “الدّفاع عن مسيحِيِّي الشرق المُضطَهَدِين من قِبَلِ المُسلِمين في الأراضي المُقَدّسَة” الذّريعة الرّسمية للعدوان الأوروبي، أما في المَشْرق العربي فقد توحّد العرب، مسلمون ومسيحيون لمحاربة الغُزاة، وكانت الكنيسة منقسمة إلى مسيحية شَرْقِيّة أرثودوكسية ومسيحية غَربية (أوروبية) كاثوليكية، وحاولت ممالك أوروبا إعادة توحيد المَسِيحِية تحت سُلْطة البابا الكاثوليكي…

احتفظت ذاكرة الشعوب العربية بصوَر أعمال النهب والسّرقة والتخريب التي مارَسَها جُنُود حُرُوب الفَرَنْجَة، ودَوّن الأمير “أُسامة بن مُنقِذ” ( 1095 – 1188 ) شهاداته كفارس مُحارِب ومُرافق لصلاح الدّين الأيوبي، هذه الممارسات، بما فيها سرقة الكنائس، في كتابه “حَوليات ابن منقذ” (المكتَبَة الظّاهِرِية – دمشق)، ونَقَل “أمين معلوف” (وهو مسيحي لبناني- فرنسي) في كتابه “الحُرُوب الصليبية كما يراها العرب” (بالفرنسية – 1983) شهادات المُؤَرِّخِين والمُدَوِّنِين العرب الذين عاشوا هذه الحُرُوب العدوانية، وشهد المُؤَرّخ الفرنسي “راؤول دي كين” الذي رافق جيش الغزاة في حصار “المَعَرّة” (معَرّة النّعمان – سوريا)، سنة 1098: “كان جماعتنا يغلون مُسلمين بالغين في القُدُور ويَشْوُون الأولاد في سفافيد ويلتهمونهم مَشْوِيِّين”، وكتب الكُونْت والقس الفرنسي “ريمون دو سان جيل” (1041 – 1105) في مُذَكّراته عن حصار القُدْس الذي عايَشَهُ، عند احتلال القُدس بعد الحصار:”كانت رؤوس وأذرع وأرجُل المُسلمين متراكمة في شوارع القُدس”، والواقع أن القتلى والضحايا كانوا من المسلمين والمسيحيين، بدون تمييز، وكان الغُزاة قد سَمّمُوا مياه الآبار وطردوا سُكّان المدينة، بدون تمييز، مع الإشارة إلى “تَطْهِير” الوثائق والأرشيف العُمومي من مثل هذه الشهادات، خلال القَرْن العشرين…

يُشكّل الكيان الصهيوني امتدَادًا للإستعمار الأوروبي، في مرحلة الإمبريالية، وما وُجُودُهُ واحتلاله لبلادنا وعُدْوانه على الأراضي العربية، من تونس إلى العراق، سوى حرب امبريالية بالوكالة على الوطن العربي، وعلى مواطنيه، أكانوا مُصنّفين مُسْلِمِين أم مَسِيحِيِّين، باعتراف مؤسس الصهيونية “ثيودور هرتزل” في رسالته إلى رئيس وزراء بريطانيا ورئيس المجلس الفرنسي (رئيس الحكومة) وقيصر روسيا، ويشرح في هذه الرسالة أهداف الحركة الصهيونية، ومنها تحويل فلسطين إلى جِدَار يفصل الحضارة الأوروبية ( التي يُمثلها اليهود الصهاينة الأشكنازيم) عن الهمجية العربية-الإسلامية، ويمنع وحدة العرب ضد الإستعمار والإمبريالية…  

لا سبيل غير المُقاومة لإنهاء أي احتلال، بالأمس كما اليوم وغدًا.

“لَسْتَ مَهْزُومًا ما دُمْتَ تُقاوم” – حسن حَمدان – لبنان (مهدي عامل) وُلِدَ سنة 1936 واغتيل سنة 1987