متى ستتحرك القبيلة لوقف الحرب في اليمن وإحلال السلام والوئام؟ / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – السبت 29/5/2021 م …
في البدء كانت القبيلة هي الحاضنة الآمنة والحامية لأبنائها، قبل التحول إلى نظم سياسية غربية ينخرها الفساد وتفتقد إلى الولاء والإنتماء،لأن المستدمر وقبل إنسحابه كان ينصّب ثلّة تحكم نيابة عنه،وتم تفريغ القبيلة من محتواها ولم تعد كما كانت تمارس دورها المطلوب ،وتصنع السلام والوئام،ويكون شيخها صاحب هيبة وكلمته مسموعة وحكمه نافذ.
واضح أن النظم السياسية التي تحكم بإيعاز من الخارج وتنفذ أجندته قد فشلت فشلا ذريعا ،ولذلك نرى الجميع يتخبطون ويفتقدون إلى من يدير شؤونهم بدون إشاعة الظلم هنا وهناك،وتضييع لمقدرات البلاد،وما حدث في اليمن ليس إستثناء بطبيعة الحال،لأن التحول عن القبيلة طال اليمن أيضا.
لذلك دخل اليمن مآزق عديدة ،ورغم أنه كان عصيا على القوى المستدمرة الغربية المتصهينة وفي مقدمتها بريطانيا ،إلا أن قوى شريرة جشعة طامعة تحالفت مع بعض القبليين ،وأدخلت اليمن في حقب ملتهبة أكلت الأخضر قبل اليابس،وعطلت دور القبيلة لأن البعض أصبح مرتبطا مع تلك القوى الإقليمية ،التي ترى في إشعال النيران هنا وهناك في الإقليم سببا رئيسيا في إستقرارها وتدعيم أمنها ،وتوسيع نفوذها عن طريق نهب وسرقة مقدرات الآخرين.
يعاني اليمن منذ أكثر من ست سنوات من حرب ضروس داخلية وعدوان غاشم من الخارج،ورغم حجم الدمار الشامل والإبادة الجماعية التي شهدها اليمن إلا أن الشعب اليمني لم يستسلم،وعليه فإنه آن الأوان أن يعيد الجميع ترتيب اوراقهم،ويضعوا السلام والوئام أولوية لهم ،حتى يتم ترتيب البيت الداخلي اليمني ومن ثم تشكيل جبهة صلبة لمجابهة عدوان الخارج،وهذا ما يقوم به الإئتلاف اليمني للسلام والوئام .
يتطلب الأمر إعادة الكرة إلى ملعب القبائل ،فهي الجهة الوحيدة القادرة على لجم كافة الإندفاعات الداخلية والخارجية على حد سواء،خاصة وأن المتحاربين وأعضاء القوات المسلحة هم من أبناء القبائل،بمعنى أن الصوت القبلي في اليمن هو الصوت المدوي في حال توجييه وجهة صحيحة،لأن شيوخ القبائل في حال مكاشفتهم ومصارحتهم بما يتم تدبيره في الخفاء ضد اليمن ،سيعيدون النظر في طريقة تفكيرهم ونظرتهم للأمور ،وربما حتى في تحالفاتهم الخارجية.
يتوجب على القائمين على الإئتلاف اليمني للسلام والوئام الدعوة العاجلة لعقد مؤتمر وطني شامل يضم كافة شيوخ القبائل ،ووضعهم في الصورة والطلب منهم إعادة توجيه الدفة من أجل حماية اليمن وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،وتحديد شكل العلاقة ونوعها مع الإقليم بما يحفظ حقوق ومصالح اليمن،ولن يتم ذلك إلا بالدعوة للسلام والوئام الداخلي،حتى يتفرغ اليمنيون لإعادة إعمار بلدهم والإنطلاق مجددا ،لإعادة اليمن إلى واجهة وصدارة التاريخ،ولن تكون هناك صعوبة لأن اليمن كان أصلا سعيدا والحكمة يمانية ،وكان سد مأرب في اليمن.
لن يواجه المعنيون صعوبة في إعادة التوجيه ،لأن السياسيين هم من أبناء القبائل وهم من أبناء شيوخها ،بمعنى انه في حال إندمج شيوخ القبائل في البوتقة اليمنية ،فإن كافة السياسيين من أبناء القبائل سيرضخون لتوجيهاتهم،ويعدلون من مسارهم ،خاصة وأن غالبيتهم فشلوا في الحفاظ على اليمن بسبب إنخراطهم في مشاريع واجندات خارجية ألحقت الضرر باليمن واوصلته إلى هذه الحالة.
نختم أن وضع حد للتهور الحاصل في اليمن داخليا،ومواجهة التغول الواقع عليه من الإقليم ،مرتبط بإنعاش دور القبائل ،وإطلاق العنان لشيوخها كي يوجهوا أبناءهم لنبذ الحرب الداخلية ،وقطع صلاتهم بقوى الشر الإقليمية ،والبدء بعملية سلام ووئام تنبثق من جلوس الجميع حول طاولة مستديرة للحوار بدون قيد أو شرط،لأن اليمن هو أب وأمّ الجميع.
التعليقات مغلقة.