نزيه أبو نضال…لست وحدك / د.أسعد العزّوني

206

 د. أسعد العزّوني ( الأردن ) – الجمعة 19/2/2021 م …

أعلن الكاتب والصحفي الهمام الأستاذ نزيه أبو نضال  عن رغبته في بيع مكتبته الخاصة ،التي تضم 3000 كتاب  ومجلية ودورية  للبيع من أجل تأمين مصاريف شيخوخته ،ومتطلبات الحياة القاسية  ،التي تضع الواحد فينا نحن غير المحظيين في دوامة لا حدود لها،مع أن صاحب الفكر في الدول الغربية “الكافرة!!!!!!!!!”يعيش في بحبوحة تصل حد البغددة.

وقع هذا الخبر عليّ كالصاعقة الحارقة الخارقة وأبكاني لسببين ،الأول:أنني أعرف الأستاذ نزيه أبو نضال من خلال متابعتي له في ما يكتب ويبث من فكر متميز،والثاني لأنني نادم على “تسريب “مكتبتي الخاصة التي جمعتها منذ العام 1972 وإقاماتي المتعددة في لبنان وسوريا والعراق والكويت وإستقراري أخيرا في الأردن،وتضم هي الأخرى أمهات وجدّات الكتب الفكرية والمجلات والدوريات الممتازة،ولم أكن اتوقع أن تكون هذه المكتبة لو سلمت من التسريب ،هي ملاذي الأخير وإنقاذي من الوضع الذي لا يختلف كثيرا عن وضع الأستاذ نزيه أبو نضال،وكان شعاري “الثقافة حق للجميع،والكتاب شراكة مع الجميع”!!!!!

آذاني كثيرا أن يكون مآل المثقفين المعرفيين أمثال الأستاذ نزيه أبو نضال هكذا،ونحن نعيش في زمن لو سقطت شعرة من حاجب راقصة لتسابق الجميع لشراء كيلووات الذهب تعويضا  لها عن تلك الشعرة ومن أجل إرضاءها كي يحظوا منها ولو بنظرة  عن بعد على الأقل،كما أننا في الأردن نعيش في دولة يحكمها ملك معرفي مثقف ،ولدينا وزارة ثقافة  لا ندري ما هو دورها بالضبط،ونقابة صحفيين غائبة ومغيبة عن مشاكل منتسبيها، ورابطة كتاب لا تجد حتى اليوم مقرا مناسبا لها،وتضم أكثر من ألف بائس وأنا منهم لعدم الرعاية والإهتمام،ويعيش المثقفون في بلدي حياة البؤس وشظف العيش ،مع أنهم قدموا الكثير الكثير لوطنهم وشعبهم،وربما أن ذنبهم الوحيد أنهم لم يكونوا مطواعين بما فيه الكفاية ،ودعوا إلى التغيير الإيجابي لأننا نستحق الأفضل.

أكتب هذه الكلمات ليس لتعزية نفسي أولا أو مواساة الأستاذ نزيه أبو نضال “الدسم”فكريا وثقافيا ومعرفيا،وله وزنه في عالم الثقافة والفكر والمعرفة ليس في الأردن فحسب بل في العالم العربي، لتعرية الموقف العام وهو ان المثقف والمعرفي العربي ،يقتات من فقره والحرمان المفروض عليه من قبل المؤسسات الرسمية التي تهمشه وتقصيه في معرض شنها الحرب الدائمة على المثقفين المعرفيين،يقتات من فقره بفقره،علما أن هذه المؤسسات تفتح أبوابها على مصراعيها مع قرع الأجراس تكريما للرويبضة ،وتفرش لهم السجاد الأحمر بدرجتيه القاني والفاقع ليسيروا عليه ،متبخترين بجهلهم وفرحين بما أنعم الله عليهم من إحتضان المؤسسات الرسمية لهم ،دون علم منهم أن إختيارهم هذا جاء لجهلهم ومطواعيتهم الزائدة كمحاقين يقبلون ما يصب فيهم ،وأن هذه المؤسسات في حقيقة الأمر تنظر إليهم بإزدراء  لأنها تعلم أنهم خواء،وأن إختيارهم جاء تماشيا مع المرحلة التي تحارب الثقافة والمعرفة.

كم من رويبضة  فرضوا على الوسط فرضا ،وهبطوا علينا بالبراشوت مدججين بدعم المؤسسات المعنية ، لسهولة التعامل معهم وفراغهم الفكري وعدم إعتراضهم على شيء،ولذلك كوفئوا بتصنيفهم كتابا مميزين محظيين أصحاب ثروة  ومحظيين، ويفسح لهم في المجالس وتفتح لهم الأبواب الموصدة،في حين أن أمثال المثقف المعرفي الأستاذ نزيه أبو نضال وغيره الكثير يعيشون في ضنك ……هذه رسالة مفتوحة لجلالة الملك المثقف المعرفي عبد الله الثاني بن الحسين..حفظه الله.