د. بهجت سليمان يكتب: ابتكار المشكلة و إبداعُ الحلول  … نظرة سريعة في واقعٍ إشكاليّ مُعنّد في الحقل الواقعيّ ، و المنهج ، و التّجريب … مثال تطبيقيّ على إدارة “الموقف” ، و نقد مبدأ ” اجتماعيّة المُحاباة ” – 2/1

609

المفكر العربي السوري الدكتور بهجت سليمان يكتب: ” هل صحيح أن سورية ليست  عربية ؟!! “ – مدارات عربية

 د . بهجت سليمان( سورية ) – الجمعة 20/11/2020 م …

       ■  إنّ ظروف الحرب و المستفيدين من ظروفها قد خلقوا لهم واقعاً ابتكاريّاً للمشكلات التي لا تُحصَى ، و أمعنوا في تأطير هذا الواقع تأطيراً مضاعفاً لحماية الظّروف التي نشأت و التي أسهم هؤلاء في تحسين نسلها و إطلاقها بدون ضابط أو تعليل .■

1▪ أتاحت الحرب السّوريّة ” الحرب الصهيو/ أطلسية على سورية ” واقعاً ثقافيّاً و اجتماعيّاً و اقتصاديّاً و سياسيّاً ، هو بالكاد يتقبّل الوصف . لقد جرّ هذا الواقع معه جملة من المشكلات التّقنيّة و التّنظيميّة ، و هو ما انعكس مباشرة في إحباطات اقتصاديّة و معيشيّة ، كما أنّه تجلّى أخيراً في مسار سياسيّ أعاد الكرّة بالإسهام في إعادة تغذية هذا الواقع الإشكاليّ ، من خلال ما أنتجه من إدارة تنفيذيّة متّصلة بالسّياسات العامّة و السّاسة و السّياسيين ، الذين ارتبطت مصالحهم بواقع الخداع الوطنيّ ، و تعزّز وجودهم من خلال استثمارهم المنظّم لهذا الواقع الإحباطيّ ..

     و هو الأمر الذي انعكس انعكاساً حدّيّاً و مباشراً في الإخفاق المتكرّر لممارسة مضامين و مفاعيل القرار السّياسيّ الحكوميّ الذي خذلته هذه التّركيبة المعقّدة ، سواءٌ في أوساط استشاريي صناعة “القرار” ، أو في حقول إعادة صياغته العمليّة في التنفيذ .

     و تكاد تكون الأمثلة على كلامنا هذا أكثر من أن تُحصَى ، نظراً لشموليّتها البنيويّة في مختلف مفاصل و تفاصيل الشّأن العامّ ، ما انعكس على البنية الاجتماعيّة الكلّيّة بالوهن الأخلاقيّ ، الذي صار عرفاً يوميّاً ينتج مختلف المشاريع الخاصّة و المغلقة في جُزُرٍ متوزّعة بكثافات مختلفة ، و لكنّها سائدة ، في حقول العمل و النّشاط و العلاقات الاجتماعيّة النّاشئة في مناسبات النّشاط التي تغمر “الواقع” اليوميّ ، في شتّى مواقع الجدوى العينيّة المعبّرة عن الشّكل الذي ينتظم روح المجتمع و االدّولة و الجماعات و الأفراد ، و الطّموحات و الأحلام .

2▪ نشهد بشكل جليّ ، في مناسبة الحرب ، شفافيّة مطلقة في ظهور “المشكلات” العصيّة و صناعتها و ابتكارها و “اجتراحها” بتَّقنيّات و خبرات و “مؤهّلات” محفوظة ، مستقرّة ، و جديدة تعتمد في “حداثتها” على تَقنيّات و أدوات و طبقات و تقاليد قديمة و معاصرة ، جرى و يجري تطويرها بحنكة مفضوحة و لكنّها من غير الممكن مقاومتها ، نظراً لتشابكها و بثّ روح المصلحة الواسعة فيها و استقطاب المناصرين لها و المشجّعين و الحاسدين الطّموحين إلى التّقليد فيها ، و المبهورين بها ، في كلّ لحظة و في كلّ مشروع و في كلّ ممارسة اقتصاديّة و إنتاجيّة و إداريّة و سياسيّة ، في كلّ يوم .

     إنّ الاستقرار المفزع لاطّراد تنامي و تحسين و تطوير شروط هذه الظّروف التي تنتمي إلى ما يُسمّى “رأسماليّة المحاباة” ، تحدّ من جميع الاتّجاهات الأخرى في التّطوّر ، و التي من شأنها أن تكون في مواجهة موضوعيّة حقيقيّة معها لمبدأ النّزاهة التّجريبيّة الاقتصاديّة القائم على الممارسة و الخطأ أو على ما يُسمّى “المحاولة و الخطأ” ، هذا المبدأ الذي يسمح للقادرين أن يتساووا في ظروف “رأس المال” المعاصرة و البورجوازيّة الوطنيّة ، من صُنّاع و تجّار و مؤسّسات عامّة و خاصّة و مشتركة ، بعيداً عن ظروف الاحتكار الطّفيليّ الذي يتّبع سياسة الاعتياش و الإثراء من غير جهود و أسباب و تضحيات و مغامرة ، و ذلك على حساب النّشاط “الرأسماليّ” – البورجوازيّ – الحقيقيّ الذي جرى تعقيمه نهائيّاً من “السّوق” و الدّولة و المجتمع و المؤسّسة على نحو كاسح و استئثاريّ بالعنف المدعّم بالسّلطة و القوّة التي تعتمد ” المحاباة ” أساسا لها .

3▪ نحن ندرك جيّداً ، هنا ، أنّنا نقارب “الواقع” مقاربة مختلفة ، إلّا أن ما يدور في إطار المشكلة التي نرمي إلى تطوير تعريتها ، هو واقع أنّ ظروف الحرب و المستفيدين من ظروفها قد خلقوا لهم واقعاً ابتكاريّاً للمشكلات التي لا تُحصَى ، و أمعنوا في تأطير هذا الواقع تأطيراً مضاعفاً لحماية الظّروف التي نشأت و التي أسهم هؤلاء في تحسين نسلها و إطلاقها بدون ضابط أو تعليل .

     و في غضون ذلك نشأت جملة من التّطوّرات المتقاطعة مع هذه الظّروف على نحو متعارض معها ، و لو أنّ تقاطعه معها لم يؤثّر التّأثير المطلوب في الحدّ من استشراء الواقع ، الذي بات من الغموض بدرجة لا يشجّع أحداً على نقده ، إن لم يكن من جملة الأسباب السّلبيّة الأخرى اتّقاء شرور نقده .. ذلك الخوف العامّ من النّقد الخاصّ الذي يتجاوز العادات و التّقاليد و الثّرثرات الفارغة التي تسمّى “نقد واقع الفساد” .

4▪ يتقنّع الواقع الاقتصاديّ – السّياسيّ بجملة من الغيبيّات التي تمارسها المؤسّسات في ظلّ ظروف الاستثمار والاحتكار الشّخصيين للمقدّرات و الموارد الّلوجيستيّة المتوفّرة و التي لا يتطلّب إثبات وجودها أيّة فلسفة برهانيّة أو نقديّة بنائيّة بالخصوص ، في إطار اختلاق الأعذار العمليّة التي توحي بالإخلاص الخالص للانطلاق من مبدأ “المحاولة و الخطأ” و “التّصويب” المزعوم ، أو ما يسمّى ب”النّظريّة الرّبطيّة” السّلوكيّة المعروفة لصاحبها الأميركيّ ( إدوارد لي ثورندايك ) ( 1874 – 1949م ) ، [ و هو تلميذ ( وليم جيمس ) ] ، و التي هي “نظريّة” سلوكيّة أَولَى بتعليم الأطفال و الحيوانات ، ممّا لو كانت “نظريّة” تليق بالمجتمعات المعاصرة و نظمها التّخطيطيّة المنهجيّة القائمة على مواجهة الوقائع العاريّة و بخاصّة في زمن الأهوال و الحروب و الكوارث و الأزمات الموصوفة الخانقة .

5▪ لا تعني التّجريبيّة المنهجيّة التي تحتاج إليها الظّروف الكارثيّة ، العيش في ظلّ البدائل الدّائمة للأفعال اليوميّة ، هذا في حال كانت المقاصد صادقة في ذلك ، بقدر ما هي تؤشّر إلى المراقبة العمليّة للواقع الذي أصبح واضحاً وضوح البساطة اليوميّة ، للمشكلات التي دخل فيها مجتمعنا دخولاً إيقاعيّاً متواتراً و متوالياّ و متراكماً ، بالمشاركة التّعليليّة الدّؤوبة للتّجربة الموجّهة إلى أهدافها ، من خلال الأغراض الجزئيّة التي تعتمد في وضوحها على صدقيّة الأخذ بمتطلّبات الواقع الجديد النّاشئ في المحصّلات ، بعد أن لم تفلح في معالجته قائمة مطوّلة من محاولات و أخطاء و خطايا إضافيّة شتّى في سيرورة تزمين شبه مفتعل (!) للمشاكل و الإشكاليّات و المصاعب و الإخفاقات .

     و بالمقابل ، فإنّ التّجريبيّة المنهجيّة التي تباشر الوقائع لا تضع نَصْبَ أهدافها أو أغراضها غاية المحاولة على أنّها إيهامٌ بالعمل ، و إنّما تنطلق ، منذ بدايتها ، من واقعيّة الممكن في أكثر ظروف العمل قسوة و صعوبة و استحالة خالصة إلى مصفوفات اليأس ، هذا من جهة .

     وأمّا من جهة أخرى ، فإنّ هذه التّجريبيّة لا تؤسّس على أنّها رفع أو تجنّبٌ للمسؤوليّات في إطار التّحايل على العقول و المواضيع و الأفراد و الأهداف بواسطة الضّجيج الفارغ ، الذي تسلكه الفاعليّة الوهميّة التي تتوجّه إلى الإعلام و الاشتهار المنافق ، في تضحية بالواجب و بالثّقة التي بنبغي أن تتجذّر أوّلاً في إيمان الأفكار البديلة بقابليّتها للتّطبيق .

     و أمّا هذا الأمر فيتبع ، عضويّاً ، تطبيق منهجيّة مسيطرة ، و منهجيّات مساندة ، بحيث لا يبدو الأمر على أنّه قضاء مبرم و ناجز في الأفكار ، و إنّما “المنهجيّة” هي في الطّريقة التي تسمح بالوضوح و الاستيضاح و البناء على أرض صلبة ، كما تسمح بالتّسلّل إلى “المنهجيّات” الأخرى التي تمّ التّثبّت من غناها في التّفاصيل .

     هذا ما يُسمّى ، اليومَ ، في “الإدارة” ، علمُ “منهجيّة تخلّل النّظام الشّامل” . و واضح من هذا العنوان العريض مدى ارتباط الإدارة بالسّياسة .

6▪ تنطلق فكرة “النّظام” ، أصلاً ، من قوّتها البدائليّة و صفاتها التّداوليّة بين الأسباب و النّتائج ، في استراتيجيّات مرنة ، للعمل ؛ و هي بهذا إنّما تشتغل في الممارسة على جملة من الخطط التي لا تحدّها الانعزاليّات و الاستقلاليّات الضّارّة بمبدأ المرونة الذي يرافق التّنفيذ .

     و عندما يُخيّل إلى أحد أنّ فكرة “النّظام” قابلة للاختلاط اليوميّ و الخلط المدبّر و المقصود ، بفكرة الفوضى أو “الفوضى المنظّمة” – و هذا صحيح و عمليّ و واقعيّ و مقصود – في إطار ما يُعتقد بكذبة مفهوم “إدارة الأزمات” ؛ فإنّ الاختلاط الموضوعيّ و الذّاتيّ المقصود بعينه ، هو أمرٌ لا يقع خارج دائرة إمكانيّة الضّبط السّلوكيّ (و ضمناً ، الأخلاقيّ ..) ، و ذلك بقدر ما هو يتوفّر لنا – في المنطلق و في الممارسة – الّلجوء إلى ما يُسمّى “التّفكير النّظميّ” و “العمل النّظميّ” الذي يُعاصر أفكار العمل و أغراضها المرحليّة ، من بداية التّخطيط و حتّى فحص النّتائج النّهائيّة و تقويمها على إحداثيّات الاجتماع و الاقتصاد و السّياسة .

7▪ يتمتّع مفهوم العمل أو التّفكير العمليّ “النّظميّ” بطاقة مبدئيّة و ارتجاعيّة عالية ، و هو ما يجعله يتجاوز سلبيّات “الاختلاط” الموضوعيّ و الذّاتيّ للنّظام بالفوضى ، في الإصرار “السّياسيّ” (!) على استراتيجيّة نظام “منهجيّات النّظم” و “علم الإدارة” التّخصّصيّ و فنون اتّخاذ القرار الإداريّ على مستوى المشرفين على التّنفيذ و المنفّذين في وقت واحد .

     يدخل في هذا الموقف علمٌ نظريّ – عمليّ هو علم “تحسين أداء المشرفين” . و يُعقد في العالم المعاصر مؤتمرات لهذا الغرض تُديرها مؤسّسات متخصّصة استراتيجيّاً بقواعد العمل .

     و تدور فعاليّات هذا “العلم” حول “الموقف” من “العمل” بعامّة ، و بشكل خاصّ حول الموقف من “المشكلات” المتوقّعة أو الطّارئة في معرض الإنتاج و الإدارة المباشرة و التّطبيق .

     إنّ الإلمام بالقدرة على توقّع الأحداث و المشكلات ، ليس أمراً من السّهل تصوّره أو القيام به أو العمل عليه ؛ و يدركُ كلّ من مارس القيادة و الإدارة العامّة أهمّيّة هذه المفصليّة الحاسمة في التّمهيد للقرار و صناعة القرار .

         ” ما هو الممكن ؟ “

      بناء على أساس “ما هي المعطيات ؟”

       بناء على أساس “ما هي القواعد و البيانات ؟”

        بناء على أساس “الحاجات الاجتماعيّة و الاقتصاديّة” للعمل ..

بناء على أساس “ماذا يُريد متّخذ القرار أو القائد أو المدير أو المتأثّرون بالقرار ؟” .. ، إلخ ..

     هي الأسئلة التي على القرار “السّياسيّ” أن يأخذها بالاعتبار عند الانتقال الموثوق و الموثّق .. من “واقعيّة الفوضى” الموضوعيّة و الذّاتيّة و المغلّفة بالنّظام و حسب ، إلى واقع العمل من خلال “منهجيّة النّظم” المتعدّدة التي تساهم في إحداث “الاختلاف” .

8▪ العلمُ الآخر الذي يحتاج إليه بناءُ واقعٍ من الصّفر ، هو علم “اتّخاذ القرار الإداريّ و السّياسيّ و الماليّ و الاقتصاديّ” ، و هذا يأتي قبل العلم الأوّل المذكور أعلاه ، “علم تحسين أداء المشرفين” ، و لكنّه يعاصره في كلّ خطوة في الممارسة و التّنفيذ .

     في غالبيّة النّتائج ، فإنّ “المشكلات” هي نتيجةٌ ابتكاريّة لصناعات بشريّة تُختَصَرُ مصالحها في قطف ثمار الفوضى و الفساد و الإفسادُ و الدّمار و التّدمير . و ما يبعث بنا إلى هذا الاعتقاد بهذه المسلّمة هو حجم الكثافة العالية مع الانتشار ( التّوزيع ) خارج عدالة المعدّلات العقلانيّة ( أو المعقوليّة : المعقولويّة ) للأسباب اليوميّة للوجود بالنّسبةِ إلى غالبيّة ساحقة من أفراد و عوائل و احتكاريّات “المجتمع” ، و لعبة مصالح القادرين على التّقرير في مجريات مصير الأفراد و الآخرين .

      و لهذا نرى الميل “الجماعيّ” نحو العصبويّة و التّعصّب و التّحزّب البدائيّ و التّموقع الجهويّ و الدّخول و الانتماء إلى إرهاباتِ “الدّولة” في شكلها الحكوميّ المباشر منه و غير المباشر ، و في مرجعيّات الاعتداء على حقوق المواطنين كحقوق في الأداء و الدّيناميّة ( الفعاليّة ) و ممارسة العمل و الإشراف و اتّخاذ القرار . و إذا كان هذا الأمر يجري في العلانيّة ، فإنّ ما يجري في الخفاءات المرصودة عن الأفراد و “غير الأفراد” ..(!) ، إنّما هو أفظع بكثير .

9▪جميع العلوم و المناهج و النّظم تحتاج إلى واقع من الكفايات الاقتصاديّة و المادّيّة في ظروف العمل و ظروف الحياة الاجتماعيّة التي لا يمكن عزلها نهائيّاً عن واقع “الإدارة” و فضاءات “السّياسة” ، و ذلك و لو في الحدّ الأدنى البشريّ و الإنسانيّ .

     و فيما يصنع ذلك حدوداً عمليّة من تأطير بذل الجهود في مجموعات نامية و متنامية ، فإنّه ، كذلك ، يعمل على إعادة تدوير و تكرير أكثر النّفايات الأخلاقيّة الشريّة الدّاخلة في عوامل الإدارة و السّياسة و الإنتاج ، لاستعادة جوهرها المحايث ، الثّابت ، الإنسانيّ الذي لا يمكن أن يخلو منه الفرد .

     و هذه تجربة أثبتت عمليّتها و نجاعتها في الكثير من بقاع العالم و حتى في بعض مؤسّسات الدّولة السّوريّة ، نفسها ، عندما يتوفّر لها “المشروع” المضافُ إلى ” الإرادة ” بالأهداف [ و ليس ما يُسمّى ” الإدارة بالأهداف ” ].. ، في القيادة الإداريّة و السّياسة المباشرة التي تخلق مسؤوليّاتها التّاريخيّة ، بواسطة طبيعة الأشخاص و المشروع ، في آن معاً .

     إنّ ثراء و غنى “التّفكير القياديّ” النّظميّ ، يجعل الإدارة ، كما السّياسة ، تُنسَبُ إلى “الأشخاص” بدلاً من أن تُنسَبَ إلى “نمطيّة” [ قوالبيّة ] خالدة ، مقرّرة سلفاً ، في اكتشاف منابع “القوّة” و “الإرادة” المشحونة بالتّمايز الشّخصيّ ما بين “الأفراد” .

     هذا و يتعزّز ذلك في ظروف خاصّة فقط ببنائيّة مجتمعيّة عادلة من حيث إحياء الطّاقات الوطنيّة الخامدة من الرّماد و الرّماديّة السّياسيّة المفروضة فرضاً على الكثيرين بما هي نتاج الشّعور بالعجز و التّحييد و التّهميش ، و إعادة توزيع هذه الطّاقات و القوى الممثّلة بأشخاص و أفكار على مفاصل التّأثير لإنضاج المتناقضات المكرورة في هيئة عزل نوعيّة مع الزّمن تحقيقاً للنّموذج الوطنيّ القادر على قيادة التّحوّلات الكبيرة العاصفة بالواقع و الحاضر و المستقبل .

10▪ من الثّابت في علم الإدارة ، علم إدارة الموجودات و الموارد و الأهداف ، و على النّقيض ممّا يُسمّى “إدارة الأزمات” ، أنّ تقدير و إدارة “الموقف” هو المثال الأكثر عمليّة و حيويّة في نتائج مقدّمات مساعدة نظريّة و تجريبيّة ، لهدف الوصول إلى الأفكار المستقرّة في حياة “المنظومة” الإداريّة أو السّياسيّة .

     و “الموقف” ، على هذا النّحو ، هو ما يجب أن يقود العمل إلى أهدافه المضمونة بأكثرها ، عن طريق مختلف ما تحدّثنا عليه من خبرات و نظم و إرادة ، من جهة أنّ “الموقف” يتضمّن دراسة و تحليل الاتّجاهات المختلفة لقوى التّمثيل و التّغيير ، و اختيار التّناسب الرّياضيّ و الهندسيّ الكمّيّ و النّوعيّ للمعطيات و البيانات و المقدّرات ، لإحداث أو لتعميق الأهداف التي كانت قد حُدِّدت ، بالسّياسة .. في سياق تجربة الواقع و المنهج و الأغراض .

     يبرز في معرض مثال تقدير “الموقف” أهمّيّة ثقافة استبطان النّظم المعرفيّة و الفلسفيّة الإداريّة و السّياسيّة ، إلى جانب الأساس الذي يؤثّر مباشرة في أهداف “الموقف” السّياسيّ و الإداريّ ، و أعني الممارسات الاقتصاديّة في إطار النّظم نفسها ، و الهادفة إلى فرض الفلسفة الماليّة للدّولة في إطار توجّهات النّموّ الاقتصاديّ و التّنمية الشّاملة .