ما بين القوة العسكرية العربية المشتركة …. واتفاقية الدفاع العربي المشترك … أسئلة كثيرة ! / غالب راشد

139

 

غالب راشد ( الأردن ) الأحد 29/3/2015 م …

قبل 65عاما من اليوم وتحديدا في عام 1950 وقّعت مجموعة من الدول العربية على بنود معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي واتّخذ من القاهرة مقراً للجنة العسكرية وقد نصت الاتفاقية على اعتبار أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول عدواناً على باقي الدول وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول مساساً صريحاً بباقي الدول الموقعة على البروتوكول . وقد وقّع على تلك الاتفاقية كل من الدول العربية التالية حسب مسمياتها في ذلك الوقت :المملكة الأردنية الهاشمية

الجمهورية السورية

المملكة العراقية

المملكة العربية السعودية

الجمهورية الفلسطينية

الجمهورية اللبنانية

المملكة المصرية

المملكة المتوكلية اليمنية

وان نظرنا إلى أنظمة الحكم في تلك الفترة نجد أنه لم يبق منها نظام قائم على حاله سوى نظام الحكم في الأردن وسوريا ولبنان ، أما نظام الحكم في مصر والعراق واليمن وفلسطين فقد ذهبت إلى غير رجعة وتحوّلت من الملكية الى الجمهورية خلا فلسطين المحتلة .

وسننطلق من اليمن فما بين القوة العسكرية العربية المشتركة …. واتفاقية الدفاع العربي المشترك أسئلة كثيرة إجاباتها رهن الميدان اليمني ، فالحرب التي أعلِنت على اليمن قبل أيام من قبل تحالف عربي تقوده السعودية بحجة إعادة الشرعية للرئيس الهارب والمستقيل ” عبد ربه منصور هادي ” تتّخذ من اتفاقية الدفاع العربي المشترك سنداً قانونيا وشرعية لتبرير العدوان . فالرئيس الذي استنجد بمجلس الأمن الدولي وطالب بتدمير بلاده تحت الفصل السابع وطالب الجامعة العربية التدخل العسكري لانقاذ نظام حكمه المتهاوي أمام أبناء الشعب اليمني وجيشه النظامي لم

يندى جبينه حين يشاهد أطفال شعبه ونسائه يموتوت قصفا تحت أنقاض بيوتهم وهم نائمون ولم يتمعّر غيرة على تدمير مقدرات وممتلكات الشعب اليمني الذي يصرّ أن يبقى حاكما عليه رغما عن إرادته وحريته .

اليمن الذي وقّع على تلك الاتفاقية التي ماتت من 75 عاما وبقيت حبرا على ورق في أدراج الجامعة العربية كان اسمه ” المملكة المتوكلية اليمنية “

تلك المملكة التي تأسست عام 1918 على يد الإمام “يحيى حميد الدين المتوكل ” إمام الزيدية واستمرت إلى عام 1962، ذلك الإمام الذي رفض الاعتراف بالمعاهدة البريطانية العثمانية عام 1915 بترسيم الحدود وتقسيم اليمن الى يمن شمالي ويمن جنوبي فحاربته بريطانيا وقامت طائراتها بقص قواته وخاضت القوات اليمنية حربا مع قوات ال سعود التي بسطت سيطرتها على كل من نجران وعسير وجيزان بدعم انجليزي وقامت الحرب السعودية اليمنية عام 1934 والتي انتهت بتوقيع معاهدة الطائف لتي نصت على تأجير عسير وجيزان ونجران لابن سعود على أن يتم تجديدها كل عشرين سنة قمرية.وقد تبين

للإمام يحيى بعد أن خسر الوطن أجزاء عزيزة منه، أن جيشه دون مستوى منازلة الجيوش النظامية المدربة تدريبا جيدا والأفضل عدة وعتادا.

كان الدعم التقليدي للأئمة الزيدية يأتي من المرتفعات الشمالية دائماً فلم يحظى الأئمة بدعم وإحترام مناطق مثل تعز أو البيضاء ومأرب ولكن قبائل المرتفعات الشمالية أكثر تعصباً ونزعة للإستقلال عن السلطات المركزية لفقر هذه المناطق مقارنة بالمناطق الأكثر خصوبة مثل إب وتعز، فرغم ولائهم المذهبي للأئمة الزيدية إلا أنها كانت أشبه بدويلات صغيرة لديها أراضيها، وحلفائها وزعمائها السياسيين (المشايخ) ومصالحها الخاصة. القبائل قبلت بدور الأئمة كزعماء دينيين لا سياسيين، لذلك فإن محاولات الأئمة الزيدية لإنشاء حكم سياسي لم تستمر طويلاً سواء في

القرن السابع عشر خلال ماسمي بالدولة القاسمية أو المملكة المتوكلية في القرن العشرين

وشهد العمل السياسي (السري) في اليمن نشاطا مناهضا للنظام الإمامي منذ بداية العقد الثالث من القرن العشرين، وشمل ذلك النشاط قوى اجتماعية مختلفة، كان في طليعتها مثقفو المدن، بمن فيهم بعض العسكريين الذين ظلوا يمارسون نشاطهم في إطار الحركة السياسية– الاجتماعية التي حملت على عاتقها عبء الدعوة إلى الإصلاح، ومن ثم بدأت تظهر “المعارضة العسكرية” على نطاق ضيق في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، على إثر الوعي الوطني

وقد شهد اليمن عدة محاولات انقلابية بدءا من عام 1948 فيما عُرف ب “ثورة الدستور ” التي أخفقت بعد 25 يوما من انطلاقها وانقلاب عام 1955 على الامام أحمد ومحاولة اغتياله عام 1961

وفي عام 1962 تفجرت «ثورة 26 سبتمبر» على أيدي «الضباط الأحرار» ضد الحكم الإمامي بمساعدة من مصر وقتل الإمام أحمد وقيام الجمهورية العربية اليمنية برئاسة عبدالله السلال ، واشتعال حرب أهلية بين الجمهوريين الذين تساندهم مصر والملكيين الذين تساندهم السعودية .

في هذه اللمحة التاريخية الموجزة عن اليمن نستخلص الأمور الآتية للعلاقة بين السعودية واليمن :

أولا : سعت السعودية منذ تأسيسها الى التوسع على حساب اليمن مستغلة الدعم الانجليزي لها من جهة وضعف الامكانات العسكرية اليمنية من جهة أخرى فبسطت سيطرتها على نجران وعسير وجيزان مستفيدة من التناقضات والولاءات القبلية في اليمن

ثانيا : بعد قيام الانقلاب على الامام احمد عام 1962 وقفت السعودية مع الإماميين الملكيين ضد ثورة الضباط الأحرار الذين دعمتهم مصر عبد الناصر

ثالثا : اليوم تعود السعودية وتقف في وجه اليمنيين الذين سعوا للتخلص من الفساد والتخلف ومن رهن ارادتهم لها بحجة إعادة الشرعية لرئيس لا مؤيد له الا القلة القليلة من أبناء اليمن وحتى بين ابناء اليمن الجنوبي الذي ينتمي إليه ودليل ذلك الانهيار السريع للقوات المدافعة عنه أما الزحف الشعبي .

رابعا : لم تفعّل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لحماية اليمن الامامية الملكية في ذلك الوقت بل رأينا الدعم المصري لثورة الضباط الاحرار الذين أقاموا الجمهورية العربية اليمنية . وكذلك لم تفعّل هذه الاتفاقية منذ التوقيع عليها لا أثناء الحروب العربية الاسرائيلية ولا عندتعرّض بعض الدول الموقعة عليها كالعراق الى غزو أمريكي عام 2003 .

ولم تفعّل الاتفاقية للدفاع عن سوريا التي تتعرض لحرب كونية إرهابية من 83 دولة ، وكأن هذه الدول من عالم آخر لا تمتّ للعروبة بصلة ولكن ما بين ليلة وضحاها قفزت إلى الواجهة “القوة العسكرية العربية المشتركة” التي كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول من طرحها يوم زار السعودية والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز. أراد السيسي من خلال هذا الطرح تأمين غطاء عربي لتدخل القاهرة في ليبيا دعماً للواء خليفة حفتر. آنذاك لم يلق هذا الاقتراح الحماسة المطلوبة خصوصاً من دول الخليج.

اليوم تقر القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين تشكيل القوة المذكورة لكن هذه المرة بطلب من المملكة العربية السعودية لتأمين المظلة العربية لتدخلها العسكري في اليمن.

إن ميثاق اتفاقية الدفاع العربي المشترك وضع من أجل تشكيل قوة عربية مشتركة لتحرير فلسطين وليس لتدمير اليمن او تحريره من قبضة أبنائه

فهل تعطي هذه القوة المشروعية للغارات السعودية على اليمن؟ وهل تنتهي بانتهاء الأزمة اليمنية أم أنه ستكون لها مهمات عربية أخرى؟” وهل ستقتصر على المشاركة الجوية ام هل ستكون ضمنها قوة برية؟

الأيام القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات