قطاع غزة … شهادات حية من مجزرة الاحتلال بحق النازحين في مواصي خان يونس
مدارات عربية – الأربعاء 11/9/2024 م …
كتب محمد الجمل:
لا تزال المجازر الإسرائيلية متواصلة في كل مكان، خاصة في قلب المناطق الإنسانية التي زعم الاحتلال أنها آمنة.
“الأيام”، تنقل مشاهد جديدة من مجزرة خان يونس الأخيرة، التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق أحد المخيمات في المنطقة، بينما كان المواطنون نياماً، منها مشهد بعنوان “مخيم اختفى عن وجه الأرض”، ومشهد آخر جاء تحت عنوان “صراخ ورعب في منتصف الليل”، ومشهد ثالث حمل اسم “مواصي خان يونس.. مجازر من جديد”.
مواصي خان يونس.. مجازر من جديد
للمرة الأكثر من عاشرة، كانت منطقة مواصي خان يونس، التي تؤوي أكثر من مليون نازح، على موعد مع مجزرة كبيرة، راح ضحيتها أكثر من 40 شهيداً، ونحو 60 جريحاً، وتسببت بتدمير مخيم كامل.
والمجزرة المذكورة التي ارتبكت في قلب المنطقة التي ادعى الاحتلال أنها إنسانية، استهدفت نازحين مدنيين، وتسببت بقتلهم في خيامهم.
وأكد نازحون ان الاحتلال حول خيام النازحين إلى هدف له، ومنذ بداية الشهر الجاري قصف أكثر من خيمة في مدينتي خان يونس ودير البلح، لكن هذه المرة كانت الجريمة كبيرة، عبر قصف مخيم كامل.
وأوضح المواطن خالد ياسين، إن الاحتلال كعادته يريد أن يوصل رسالة للجميع بأنه لا يوجد مكان آمن في القطاع، وأن ما يتم ترويجه عن مناطق إنسانية آمنة، هي رسالة للعالم للظهور بمظهر إنساني، لكن الحقيقة مخالفة لذلك تماماً، والمجازر على الأرض تثبت ذلك.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الفرق الإغاثية قضت ساعات طويلة من العمل، في محاولة لانتشال عشرات الشهداء والجرحى من مكان القصف والاستهداف، حيث تأتي هذه المجزرة المروعة بالتزامن مع إسقاط الاحتلال للمنظومة الصحية، وتدمير المستشفيات وإخراجها عن الخدمة.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن جيش الاحتلال يحاول تضليل الرأي العام من خلال نشر الأكاذيب والبيانات الزائفة، والروايات الملفقة التي يروّج لها، وهي محاولة فاشلة منه لتبرير المذبحة، التي استهدف خلالها خيام النازحين، وفق بيان المكتب الإعلامي.
وحمل المكتب الإعلامي الاحتلال، والإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر المروّعة ضد المدنيين، وضد الأطفال والنساء، وضد خيام النازحين تحديداً، مطالباً المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية المختلفة، وكل دول العالم الحر، بالضغط على الاحتلال والإدارة الأميركية، لوقف حرب الإبادة الجماعية، وإيقاف شلال الدم المتدفق في قطاع غزة، مطالباً أيضاً بملاحقة الاحتلال قانونياً لوقف هذه المهزلة التاريخية الإنسانية.
وتعد المجزرة المذكورة ثالث أكبر مجزرة ارتكبها الاحتلال في منطقة مواصي خان يونس خلال العدوان الحالي، بعد مجزرتي شارع النص، والبركسات، والتي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى.
مخيم اختفى عن وجه الأرض
يتواجد في منطقة مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، مئات المخيمات الصغيرة، وهي عبارة عن تجمعات من الخيام، يضم كل تجمع ما بين 20-100 خيمة، يقيم فيها النازحون، وهذه الخيام وضعت على أرض رملية، متلاصقة، وهي أضعف من أن تقاوم أية غارة، وتمنع حتى رصاصة.
وبمجرد سقوط الصواريخ الكبيرة على المخيم الواقع في مواصي خان يونس، عند حوالي الواحدة من فجر أمس، غطى الغبار المنطقة بالكامل، وتناثرت الشظايا على بعد مئات الأمتار، وراح المواطنون والمسعفون يبحثون عن موقع القصف، لكنهم فوجئوا باختفاء مخيم يضم العشرات بالكامل، وحل مكانه حفرة كبيرة وعميقة، تسببت بها الصواريخ.
وأكد منقذون ومسعفون أن المنطقة المُستهدفة اختفت عن وجه الأرض بفعل استهداف الاحتلال لمجمع خيام نازحين يتواجد فيه حوالي 20 خيمة، يسكنها نحو115 شخصاً، جميعهم مدنيون من العائلات التالية: فوجو، ماضي، طعيمة، الشاعر، وهناك عدد من العائلات الاخرى في المكان.
في حين قال الدفاع المدني إن الغارات الإسرائيلية على خيام النازحين في مواصي خان يونس خلفت 3 حفر كبيرة، ابتلعت الخيام وردمتها بمن فيها داخل الأرض، وأن الاحتلال استخدم صواريخ ارتجاجية ثقيلة في الغارات على خيام النازحين.
واكد الدفاع المدني أن العمل على انتشال الضحايا من تحت الأرض استغرق وقتا طويلا، وجرى استخدام معدات يدوية في البحث عن الشهداء، والوضع كان كارثياً، لا سيما أن الغارة نُفذت في وقت متأخر من الليل.
بينما قال المواطن محمود عوض، إنه شارك في جهود الإنقاذ ولم يسبق أن شاهد قصفاً يُخلف كل هذا الدمار، فالاحتلال استخدام صواريخ كبيرة، قلبت الأرض، وجعلت الخيام في باطنها.
وبيّن عوض أن عمليات البحث عن مفقودين استمرت طول نهار أمس، وساعد فيها مواطنون ومتطوعون.
وأكد عوض أنه جرى استهداف مخيم للنازحين، تقيم فيها عائلات معظمها فرت من الموت في محافظة رفح، وانتقلت لما أسماه الاحتلال مناطق آمنة، لكن الموت لاحقهم، ودفنوا بصواريخ الاحتلال تحت الأرض، واصفاً ما حدث بالجريمة الكبرى، مطالباً بمحاسبة الاحتلال عليها، وأن لا تمر مرور الكرام كغيرها من المجازر.
صراخ ورعب في منتصف الليل
كعادتهم يأوي سكان مخيمات النزوح إلى خيامهم مبكرين، بهدف النوم والراحة بانتظار يوم جديد ملئ بالشقاء والعناء، دون أن تعلم تلك العائلات أن الموت يتربص بها.
فقد كان سكان إحدى مخيمات النزوح في مواصي خان يونس على موعد مع ليلة دامية، تساقطت فيها القنابل الثقيلة من السماء، وقتلت من قتلت، وخلفت الرعب والهلع في صفوف الناجين.
بعد منتصف الليل بقليل وفي الساعات الأولى من فجر أمس الثلاثاء، دوت سلسلة انفجارات ضخمة في مواصي خان يونس، وخرجت سحابة من الدخان والغبار، غطت المنطقة بالكامل، ثم ساد صمت لوقت قصير، حتى علا الصراخ، وتصاعدت الاستغاثات.
المواطن أحمد عمر، أكد انه يقطن في مخيم مجاور للمنطقة التي تعرضت للقصف، وبينما كان وعائلته نائمين استفاقوا على وقع انفجارات كبيرة تسببت باهتزاز الأرض من تحتهم، مصحوبة بضوء أحمر خطف الأبصار، وبعدها بثوان سقطت الخيمة على أبنائه.
وبيّن أنه حاول رفعها فكانت ثقيلة، وخشي على أبنائه أن يختنقوا، مبيناً أنه بالكاد استطاع الزحف والخروج من الخيمة، ورفعها من طرف، وخرج أفراد عائلته زحفا منها، ليكتشف أن طبقة من الرمال التي تطايرت بفعل الصاروخ الإسرائيلي، وسارع بنجدة جيرانه ممن سقطت خيامهم عليهم، وكان يسمع الصراخ يصدر من تحت الخيام، وعمل على إخراج العالقين من تحتها، ونقلهم لمناطق أكثر أمناً.
بينما قال المواطن يوسف حسنين إنه استيقظ على وقع الانفجارات والصراخ والرعب، وراح يساعد في إخراج الأطفال من الخيام، والوضع كان كارثيا وصعبا، والناجون جميعاً يعانون الرعب والصدمة، وهول المشاهد صدم الجميع.
وفي ساعات الصباح بدأ مواطنون تضررت خيامهم، أو احترقت بالانتقال من المنطقة والبحث عن أماكن أخرى.
وقال المواطن عبد الله النجار، إن خيمته تمزقت جراء القصف، وأن أبناءه يعيشون الخوف والرعب بشكل غير مسبوق، وقد قرر ترك المنقطة، التي تملؤها رائحة الموت، لكنه لا يعرف اين سيتوجه، فسيبحث عن أي مكان آخر يقيم فيه، المهم أن يترك المنطقة، حتى يشعر أبناؤه ببعض الراحة، ويبدد مخاوفهم التي يعيشونها بسبب المجزرة، خاصة أن بعضهم شاهد أشلاء الشهداء.
وبيّن أن المناطق التي زعم الاحتلال أنها آمنة باتت خطيرة، ومُرعبة، والناس لا يعلمون أين يتوجهون، فالمخيمات جرى قصفها، والمدارس استهدفت، والبيوت قُصفت، ولم يعد هناك مكان يمكن أن يتوجه النازحون إليه.