هوامش من كتاب “فِهْم الرأسمالية” – رتشارد وولف – 2024 ( Understanding capitalism – Richard Wolff ) / الطاهر المعز

378

الطاهر المعز ( تونس ) – الإثنين 12/8/2024 م …

هذه الفقرات ليست تلخيصًا “مُخْلِصًا” للكتاب ولكنه أفكار على هامش الكتاب

أورد تقرير منظمة أوكسفام أن أغنى عشرة أثرياء يمتلكون مُجْتَمِعِين سنة 2022 ثروة تعادل ستة أضعاف ثروة أفقر 3,1 مليار شخص، ويُؤَدِّي التوزيع غير العادل للثروات وللدّخل إلى توسيع الفجوة بين الأثرياء والفُقراء، ولم تتراكم الثروات لدى أقلية من الناس لأنهم يعملون أكثر أو إنهم أشدّ ذكاءً من غيرهم، بل لأنهم وَرِثُوا الثروة التي تنمو بواسطة امتلاك أسْهُم الشركات الرأسمالية وإدارة هذه الشركات بشكل يسمح لصاحب العمل بالسيطرة الكاملة على فائض الإنتاج الذي خَلَقَهُ العامل، وذلك باسم الحُرِّيّة.   

إن حرية الرأسماليين تختلف عن حرية الكادحين، بل تنفيها، لأن الأغنياء في المجتمع الرأسمالي يُسيطرون على المؤسسات الإقتصادية والسياسية والثقافية، ويبُثُّون دعاية تتمحْوَرُ حولَ تبرير تفاوت الدخل والثروة بذريعة إن الأثرياء يُجازفون بالإستثمار ( المُبادرة “الفَرْدِية”) دون ضمان النتيجة، وفي الواقع فإن الرأسماليين يستثمرون بعد القيام بدارسات عديدة لضمان وَفْرَةِ العائدات، كما تُركّز دعاية رأس المال – من خلال وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم والجهاز الثقافي – على تشكيل وَعْي الناس وجَعْل التّفاوت الطّبَقِي أمرًا “عاديًّا” و “مَقْبُولا”، بل وتبريره من خلال الترويج لقصص الثراء الفاحش عن أشخاص “انطلقوا من الصّفر” وهي استثناءات قليلة لا تُمثّل 0,0001% من عدد سكان العالم، أو سكّان كلّ بلد على حدة، ولا تبث وسائل الإعلام والتلفزيون والسينما والمسرح أشرطة أو وثائق عن الثورات المناهضة للرأسمالية وقادَتها، لأن مُهِمّة هذه الإجهزة تتمثل في تعزيز الرأسمالية على مختلف الجبهات: الإقتصادية والسياسية والثقافية ورَدْع من يُحاول تغيير النّظام القائم، ونَعْتِهِ بالفَوْضَوِي أو الفاشي…

تعمد الرأسمالية إلى نَسءف المكتسبات الإقتصادية والإجتماعية، واستبدال الحُقُوق الإقتصادية بالعمل “الخَيْرِي” ( أو “الإنساني”) وهو نَفْي الحقوق أو نقيض لها، لتصبح المنظمات “غير الحكومية” أكثر نُفُوذًا لدى الفئات الشعبية من النقابات العُمّالية ومن أحزاب اليسار التي تُطالب الحكومة بإعادة توزيع الثروة للحد من التفاوت من خلال فرض ضرائب تصاعدية على الدخل والثروة، وتطالب المُشرِّعِين بإصدار قوانين تضمن الحق في التعليم والصّحّة والرعاية الاجتماعية… لكن لهؤلاء المُشَرِّعين – في الولايات المتحدة مثلا – دَيْن يتمثل في تمويل الأثرياء حملاتهم الإنتخابية، أو الترويج لهم في وسائل الإعلام التي يمتلكها هؤلاء الأثرياء، ولذلك يُقِرُّ المُشَرِّعون (نواب البرلمان) بإيعاز من الحكومات قوانين خفض الضرائب على الثروة وقوانين تسمح للأثرياء بإخفاء الأموال وتهريبها إلى الملاذات الضريبية (معظمها مُستعمرات بريطانية وولايات أمريكية)

من المُستَبْعَد التوصل إلى “حل” لمسألة إعادة توزيع الدخل والثروة في ظل الرأسمالية، لأن النظام الرأسمالي مَبْنِيٌّ على الحَيْف والتفاوت وعلى تحريم المُساواة، لتتمكن مجموعة صغيرة من تركيز السّلطة والثروة بين أيْدِيها.

فشلت الثورة الفرنسية (وهي ثورة برجوازية راديكالية كان الشعب وَقُودَها وكانت البرجوازية تَقُودُها) في تحقيق المساواة، وهي إحدى ركائزها الثلاثة، لأن الرأسمالية تُحرّم المساواة بين صاحب العمل والعامل وبالتالي فإن عدم المُساواة هي جوهر النظام الرأسمالي، ولذا فإن إصلاح النظام الرأسمالي أَشَدُّ صعوبةً من الإنتقال إلى نظام آخر، وحبّذا لو كان الإنتقال السِّلْمِي ممكنا لكنه مُستبعد.

***

أسَّسَ رتشارد وولف مبادرة “الدّيمقراطية في العمل”، ويُشارك في مشاريع ونشاطات “معهد الإعلام المُستقل” بالولايات المتحدة، ضمن مؤسسة “الإقتصاد للجميع” التي نشرت هذا الكتاب، وله ثلاث كُتُب في تحليل أزمة وآليات الرأسمالية


التعليقات مغلقة.