إلى سَماحة السيِّد لَو سَمَح / روني الفا

489

روني الفا ( لبنان ) – الإثنين 30/12/2019 م …

شيءٌ ما معجَّلٌ مُكرَّرٌ في هذا العيد أيضاً يجعلُنا نَركنُ إلى فسيحِ جبينِك وفَصيحِ أصغرَيك. مساحَةٌ منوّرَةٌ بينَ عَمامَةٍ وحاجِبَين يهتزُّ العالَمُ إذا قُطِّبا. ندخلُ معكَ إلى حديقةٍ من البنادق المثمرة. سَقَيتَ أديمَها بِدَمِ” هادي “. شحَّلتَها بسيوفٍ من الأدمُع. صَوّنتَها بالوَعد الأصدَق. عيدٌ يَرفَعُنا إلى قامةٍ واستقامةٍ صارَتا مُعجِزَتَين أين منهما تَبَلوُرُ اللؤلؤِ في بحرٍ مَيت.

كَمْ جميلٌ أن تورِفَ على عتمةِ الشرق وتُلقي عليه شيئاً من الفَيءِ في زمنِ القيظ. رِقعَةٌ مِن رِداءِ صوتِك رُدَّها على مشرِقٍ مُحتَرِقٍ فوقَ جَمرِ الذُّنوب تُبَورِدُ بعضُ خَطاياه المزمِنَة. أحلامُنا تُحتَضَرُ مِن كثرَةِ النّكبات. تلفظُ أنفاسَها الأخيرة. تَموتُ مِن ثاني أوكسيدِ الكَذِب. تُنقِذُها صورَتُكَ من موتِها السَّريري. يا آخِرَ معاقِلِ الكلمةِ وسطَ ثوراتِ الطناجر ومرقَعَةِ الحَناجِر. تكلَّمْ فَنَرتَدي رجاءَنا كنزَةً شتويّةً ضدَّ زمهريرِ المَصير.

إصبَعُ الجَليل رهنُ إصبَعِك. لم يحدث في تاريخ العَرَب أن فُتِحَت ملاجئُ الطُّغاةِ خَوفاً مِن كلمة : ” انضَبّوا “. لم يَحدثْ أن خافَ مُنافقونَ مِن أَنفاق. سبابتُك صارت حديث مختبرات العالم. مادّةً للسّبَقِ الصُّحُفي. لوِّح بِها يمنةً ويسرَةً تربِكُ بِها مخابرات الدّوَل العُظمَى. نبرتُكَ شغلُ العلماء الشاغل. سَدَّدَت. تهدَّجَت. تشدّدَت. عَلى تافتا قِماشَتِها يختَصِمون. صوتٌ عربيٌّ خارجٌ مِن مليار حنجرةٍ مبحوحة هو صوتٌ نَووي. مُفاعِلٌ لتخصيبِ أورانيوم العِزّة. مَنظومَة رَدع متكامِلَة. كلّما خرجتَ إليهم تنفّسَ الصهاينةُ الرُعبَ مع الهواء في فلسطين المحتلّة. سلِّط لدغَةَ رائِك يُدبِرون.

لغتُكَ الفتيَّةُ أحيَت عروبَةً محنَّطة. الأمَّةُ العربيَّةُ ماتت من وِفرة الصِفاتِ والنُّعوت والألقاب. قادَتُها باعوا شعوبَهُم على موائد الكاڤيار ومنصّات الخِطَب. أصمَغَت أشداقُهُم كَذِباً. انتظرتكَ العروبةُ بفارِغِ رجائِها. غسَلْتها من مستحضرات تَحنيطِها. بعثتَها مِن رَميمِها فانتَفَضَت فلسطين على قبرِها المُعتِم بعد ثمانينَ عاماً من الأكفان.

شيءٌ ما مثلما أسلَفت. وعودُكَ عابِرةٌ للعِظات. كاسِحَةٌ لِخيباتِ العرب. هَزُلَ المِحرابُ والمذبَحُ سيِّدي. إلى نِخاسةٍ تحوّلا. أنقذتَهُما مِن الفصاحَةِ المبتَذَلة والتديُّنِ الدجّال. خرقتَ جِدارَ طَوائِفِنا المغلَقَة. كَانَت مُحكَمَةَ الإقفالِ بالِغري. نزَعتَ أقفالَها وفَتَحتَها للعِناق. رجلٌ واحِد قادِرٌ على اجتراحِ النّوافذ لا بدَّ وأن يَكونُ له أعداءٌ كٌثُر. مِن بيتِ أبيه أيضاً.

عصيٌّ على التجَنّي. كلُّ ترساناتِ العالم مهتمّةٌ بعنوانِ إقامتِك. تُقيمُ في منازِل الوِجدان. خارج رادارات الحِقد ومُدُن الشرق الأوسط الجديد. بيتُكَ من عزّةِ الأضرِحة وَمِن قرميد الفاتحة. بيوتٌ بهذا الإسمنت تهزأُ مِن ترساناتِ العالم.

موحِشٌ هذا الشّرق مِن دون عمامَتِك. نثقُ بها كلَّما هبَّ الدُّعاء في صَحاري الإنتظار. لا تصدِّق. صورتُك معرِّمة في صحن الدّار. يُمسَحُ عنها غبارُ الغفلَةِ عند كلِّ بَسمَلة.
كلُّ كرامَةِ الأمَّةِ أنت. بالسِّلاحِ المثير لدَوخَتِهِم. يشعرونَ بالدّوارِ من كثرةِ الدّوَران. فتَّشوا في كل الأزقّة. في كلّ الأنفاق. كيف يُحاصَرُ سلاحٌ مخزَّنٌ في ثُكناتِ الشهادةِ ومخازنِ الدَّمِ القاني؟

نَرنو إلى صِدقِ المُحَيَّا وسط تفشّي الرّياء. نَحتاجُ إليك مِكثاراً كلَّ يَوم لكِننا نَخافُ عليك. إبقَ على ندرَتِك سيِّدي وسط الوجوه المُدَبلَجة بالسُّخف فأجمل الأقمار يأمُّها الشّاخِصونَ عندَ نُدرَةِ حدوثِ الخُسوف.

لن يقوى أيُّ لوبي في العالم على تحويلك إلى رجلٍ عادي. رجلٌ واحِدٌ فوق العادة أقوى من ألفِ طائرةٍ حربيَّة. طِرْ على علوٍّ منخَفِض. أغِرعلى الحثالة. في عِزِّ جِهادِكَ المَيمون تواكِبُكَ الأحبارفي الأديار. يرافِقُكَ يَسوع النّاصِري. تبارِكُكَ مباخِرُ الكَنائسِ القريبَة. مِن بيتَ لَحم تُفتَحُ لإبتهالِكَ المَغارَةُ بكلّ قدّيسيها. نصلّي لِطفلِ المزوَد في عيدِ الميلاد علّه يَحميك. نطلبُ إليه ما نطلبه لأقربِ النّاس… يا أشرَف الناس!