سورية … دعمًا لوحدة واستقلال البلاد / الطاهر المعز

296
نتيجة بحث الصور عن العدوان التركي على سوريا

الطاهر المعز  ( تونس ) الجمعة 18/10/2019 م …

يستهدف الإحتلال التركي مساحات هامة من أراضي سوريا، والسّيْطَرَة على منطقة “الجزيرة”، والطرقات الرئيسية الرابطة بين مُدُن مهمة ( من حلب إلى الحدود العراقية)، وتَعْبُرُ هذه الطرقات أهم المناطق الغنية بالمياه، وأهم مناطق إنتاج الغذاء والطاقة في سوريا، وهي المناطق التي ساعدت القوى الأمريكية حلفاءها من مليشيات الأكراد، على السيطرة عليها، بهدف خَنْق اقتصاد البلاد، وتجويع الشعب السوري، وتقسيم سوريا، وتشترك أمريكا وتركيا في الأهداف، وتقسيم البلاد، أما مليشيات الأكراد، فلم تتخلى عن المشروع الإنفصالي، لكن حسابات الزعماء كانت مُخْطِئة، رغم الدّعم الأمريكي الذي بقي متواصلًا، بعد الغزو التركي، عبر القوات الخاصة الأمريكية، والتدريب والتّسْلِيح وتقديم المشورة الفنية العسكرية…

من جهتها، تُعرقل الولايات المتحدة عملية عودة اللاجئين والنازحين إلى المناطق التي استعادَتْها الدولة من المنظمات الإرهابية، وتضغط على الحكومات البلدان المُجاورة لسوريا (لبنان والأردن)، لإبقاء اللاجئين السوريين لديهما، ولوقف المعاملات التجارية، بعد استعادة الدولة السورية للمعابر الحُدثودِيّة، كما تُعرقل الولايات المتحدة عملية إعادة الإعمار، وتُهدد الشركات والدول التي تُشارك بها بعقوبات صارمة…

قبل مدة، صَرّح “رولان دوما” وزير خارجية فرنسا الأسبق، أن بريطانيا طلبت من فرنسا، قبل سنَتَيْن من بدء الاحداث في سوريا، دعما لبريطانيا التي قررت أن تتدخّل في الأحداث التي سوف تقع في سوريا
وبعد بدء الاحداث أصبح الشمال السوري (حيث يقيم الأكراد) مرْتَعًا للعديد من الشخصيات المشبوهة، ومن بينها السيناتور الأمريكي “ماكين” و”برنار هنري ليفي”، وغيرهم، بذريعة “دَعْم الأكراد“…
هيّأت تركيا، بدعم من حلف شمال الأطلسي والصليب الأحمر الدولي، والأمم المتحدة، مخيمات ضخمة، قبل نزوح السّوريين بأسابيع عديدة، وقدمت دولة الإحتلال الصهيوني دعمًا قويًّا لمجموعات إرهابية رجعية في جنوب سوريا، واستقبل زعماء الإحتلال الصهيوني السيد “كمال اللبواني” (زعيم حركة الإخوان المسلمين)، في فلسطين المحتلة، ونشرت القناة العاشرة للتلفزيون الصهيوني مقابلة مع السيد “عبد الحليم خدام”، وأعلن زعماء المجموعات الإرهابية أن المُصابين (الجَرْحى) يُعالجون في مستشفيات تل أبيب وحيفا

في تركيا عقدت المعارضة الرجعية السورية مؤتمر اسطنبول، بإشراف تركيا وحلف شمال الأطلسي، وتمويل إمارة قَطَر، واستضاف الإخوان المسلمون الذين يحكمون تونس، مؤتمرًا للمعارضة الرجعية السورية، حضره ممثلون عن 120 دولة، بإشراف الرئيس المنصف المرزوقي، الموظف في قناة “الجزيرة” القَطَرِية، مع وزير خارجية تونس آنذاك، زوج ابنة راشد الغنوشي، زعيم الإخوان المسلمين
أعلن السيد “حَمَد بن جاسم”، أحد أفراد الأُسْرة الحاكمة في قطر أن حكومة قطر وحكومة السعودية دفعَتا قرابة 137 مليار دولارا، للقوات العسكرية الأطلسية (أمريكا وأوروبا وتركيا) لإسقاط الدولة في سوريا، واستخدمت أمريكا المال السعودي والقَطَرِي لتدمير البنى التحتيه السوريه، ومحطات الكهرباء، ومحطات المياه، وقصفت الطائرات الحربية الأمريكية مدينة “الرقه” السورية، والجسور المقامه على نهر “الفرات” وكذلك دير الزور وغيرها، ونَهَبَت المجموعات الإرهابية الآثار والتّراث الحضاري والإنساني في المتاحف والمكتبات والمواقع الدّينية (الكنائس والمساجد) والمواقع الأثرية السورية، في حلب وفي تدمر وفي كل مكان، وسرق الإرهابيون الآلات من مصانع مدينة “حلب”، وباعوها إلى تركيا بثمن رخيص، كما باعوا النفط السوري إلى شركات تركية، وقدرت المبالغ التي استفادت منها تركيا بنحو 25 مليار دولارا، طيلة سبع سنوات، بالتعاون مع إمارات الخليج والولايات المتحدة، ومع الكيان الصهيوني

زار “أنور عشقي”، أحد المسؤولين الكبار في المخابرات السعودية، تل أبيب، وأعلن من هناك، أن السعودية قدمت 100 مليون دولارا، مساهمة منها في دعم القوات الأمريكية التي تحمي المليشيات الكردية، في منطقة “الجزيرة” السّورية، ولم تشتهر السعودية بدعم حركات التحرر، بل كانت تعمل على تقسيم سوريا، وتفتيتها إلى دُويْلات صغيرة، تستطيع تل أبيب السيطرة عليها بسهولة
كانت الإمبريالية الفرنسية تحتل سوريا (1918 – 1946) وخلال فترة الإحتلال، سلمت فرنسا جزءًا من سوريا إلى تركيا، التي لا تزال تحتله (لواء إسكندرون)، ولم تكتفي تركيا بذلك بل دخلت قواتها العسكرية إلى شمال سوريا، وتقصف مناطق عراقية، بأسلحة ومخططات حلف شمال الأطلسي، لتقسيم سوريا
إن الموقف السّليم يقتضي معارضة التدخل العسكري الأجنبي في أي مكان من العالم، ومعارضة تقسيم البلدان، إلى دُويلات صغيرة، لتتمكن الإمبريالية من السيطرة عليها بسهولة، وهو ما بدأت الإمبريالية الأمريكية والحلف الأطلسي تطبيقه في “تيمور الشرقية” (إندونيسيا)، وفي “كوسوفو” وبوسنة” (يوغسلافيا سابقًا)، فخلقت دُويلات غير قابلة للحياة، جعلت منها منصّة للهيمنة، وقواعد عسكرية للعدوان على البلدان الأخرى

إن ما يجري في سورية منذ سنة2011، هو عدوان واحتلال وحرب ضد سوريا الدولة والشعب، وليس ضد النظام فحسب، بمشاركة نشيطة وفعالة من تركيا، عضو الحلف الأطلسي، وصديق الكيان الصهيوني، وإن ما يجري حاليا، هو عدوان عسكري تركي على الدولة والوطن والشعب في سوريا، وليس فقط ضد مليشيات الأكراد التي احتمى قادتها بأعتى امبريالية في العالم، وبالحلف الأطلسي، وتعاملت هذه المليشيات مع السكان كما يتعامل أي محتل وغازي، وحصل ذلك بإشراف وتسليح وتدريب أمريكي، ما مكّن هذه المليشيات من احتلال الحدود مع العراق، وحقول النفط والغاز، ومنابع المياه والمناطق الزراعية التي تزود البلاد بالحبوب، ومنعت هذه المليشيات رفع العلم السوري والحديث بالعربية وغيرت مناهج التعليم وأجبرت الشباب على الإنضمام لمليشياتها المسلحة، في عملية أطلقت عليها “الخدمة العسكرية”، ولكن هذه المليشيات التي “اسْتأسَدَتْ” ضد المزارعين والشباب السوريين، انهارت وسلّمت مواقعها التي انسحبت منها بدون قتال، واضطرت إلى الإتفاق مع النظام السوري، بعد رفض كافة المقترحات التي قدمتها الحكومة السورية، منذ 2013، لأنهم قادة المليشيات الكردية كانت تتسم بقصر النظر، لتنتظر الحصول على حق تقرير المصير بدعم من الإمبريالية الأمريكية، وقوات حلف شمال الأطلسي…

ساهمت معظم الأنظمة العربية في تفتيت سوريا وفي دعم المليشيات الإرهابية، بالمال والسلاح وبالمواقف والدّعم السياسي، وأقصت سوريا، من الجامعة العربية، وهي العضو المؤسس لنفس هذه الجامعة، وأفاقت فجأة، لتُصدر مواقف تدين الغزو الغزو التركي (باستثناء قطر)، ليس دعمًا لسوريا وشعبها، وإنما لتصفية الحساب بين منظمات رجعية، الإخوان المسلمون ضد الوهابيين، أو السلفيين، وأكد وزراء الخارجية العرب: “أن على تركيا الانسحاب الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية”، أما الإخوان المسلمون، وفي مقدمتهم حركة “حماس”، فيعتبرون “أردوغان” خليفة المسلمين، ولذلك بايعوه، ودعموه ضد أوطان العرب والمسلمين، وضد شُعُوبها وحكوماتها وأنظمتها…

إن التنديد بالعدوان التركي موقف مبدئي، ولكن التنديد بالتعاون العسكري بين مليشيات الأكراد والإمبريالية الأمريكية ضروري أيضًا، فالإمبريالية والصهيونية لا تدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولا يمكن للشعوب أن تتحرر بدعم من الإمبريالية والإستعمار، ووجب إعلان هذا الموقف بدون تردّد، لأن قيادة المنظمات الكُرْدِيّة رفضت الحوار مع الحكومة السورية، واعتمدت على الدّعم الأمريكي، لتحتل مناطق سورية شاسعة، غنية بالنفط والغاز، وأراضي خصبة مُنْتِجة للحبوب والمواد الغذائية، وتحتوي على منابع المياه

تزامن العدوان التركي مع زيارة تاريخية للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” للسعودية، ما اعتبرته وسائل الإعلام السعودية “مرحلة جديدة”، لتعزيز العلاقات، في ظل التطورات الحالية لسوق النفط، وفي ظل التطورات السياسية والأمنية في الخليج، وتعمل موسكو على استغلال تخلي الولايات المتحدة عن حُلفائها، للنفاذ، عبر التوسط لإخراج السعودية من ورطتها في اليمن، وتهدئة الوضع بين السعودية وإيران، وكانت زيارة بوتين مناسبة لتوقيع عقود متوسطة الأهمية مع السعودية، فيما لم تنجح بعد في بيع السلاح الروسي، بديلا للسلاح الأمريكي، لكن الجانب الأهم لهذه الزيارة يتمثل في اضطرار السعودية لإشراك روسيا في الملفات الإقليمية في الخليج واليمن وسوريا، وغيرها…